Sunday, June 12, 2011

رسالة الأسير باسم التميمي إلى قاضي المحكمة

حضرة القاضي

 انطلاقاً من ايماني بالسلام والعدل والحرية وحق الانسان والعيش بكرامة واحتراماً للعقل لعل المنطق يحضر اذا غاب القانون العادل .

في كل مرة ادعى لمحاكمكم أصاب بالتوتر والقلق والخوف فقبل (18) عاماً قتلت أختي في محكمة كهذه على يد موظفة كتلك كأحد فصول معاناتي من سياسات احتلالكم لأرضي وشعبي اعتقلت (9) مرات لما يقارب (3) سنوات لم أدان بأي تهمة وأصبت بالشلل من جراء تعذيب محققيكم سجنت زوجتي وجرح ابنائي وسرق المستوطنيين ارضي وبيتي مهدد بالهدم ، ولدت مع بداية الاحتلال بكل ما تعنيه الكلمة من معاني لا انسانسة وإنعدام الحرية والعنصرية وعدم المساواة كل ذلك الألم وكل ما نعانيه من سيطرة للاحتلال على تفاصيل حياتنا لم يؤثر على إيماني بالقيم الانسانية وضرورة أن يعم السلام على هذه الأرض لنبني حياتنا المستهاة واقع ورؤى، لم تولد المعاناة والقهر في قلبي الكراهية والحقد على احد او تعزز دوافع الانتقام من أي كان بل زاد إيماني بالسلام جواباً على شرط وجودنا الوطني كنقيد للاحتلال بكل سياساته وإفرازاته وأشكال وتعبيرات وجوده المخالف لكل معاني الانسانية فكل المواثيق والأعراف الدولية تقر بحق الشعوب المحتلة بالمقاومة لذلك دعوت ونظمت مسيرات شعبية سلمية تعبيراً عن رفض الاحتلال فكراً وممارسة وإحتجاجاً على اعتداءات المستوطنين وسرقتهم لاكثر من نصف أراضي قريتي "النبي صالح" التي تضم قبور اجاداي منذ زمن لا أعرفه، نظمت المظاهرات السلمية دفاعاً عن الأرض والإنسان لست محمياً ولا ادري ان كانت هذه التظاهرات تعتبر شرعية بحسب قوانين إحتلالكم لأن هذه القوانين ليست لي ولا تعنيني كونها صدرت عن سلطة أرفض وجودها على أرضي وشعبي وفي الوقت الذي تفتخرون فيه بكونكم الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط تحاكموني حسب قانون عسكري لا أرى له أي شرعية فهو ليس لي ولم يكن لي رأي في فحواه ، أتهم بتنظيم مسيرات سلمية وفعاليات مدنية ليس لهذا أي صفات او طوابع عسكرية تقرها كل الشرائع والقوانين الدولية فأين العدل والمنطق.

من حقنا أن نعبر عن رفضنا للإحتلال بكل أشكاله وتعبيرات وجوده على أرضنا دفاعاً عن حريتنا بكرامة شعبنا ولإحقاق العدل وبناء السلام من أجل أرضنا وحقنا المقدس فيها ومن أجل أطفالنا ومستقبلهم عليها لذا فإن إنسانسة دوافعي تجعلني أكثر إيماناً بالعدل والسلام مما يعزز ثقتي بشرعية اعمالي كنشاط شعبي سلمي غير مسلح يقوم ويؤمن به الشعب الفلسطيني ضد الإحتلال يقيد حياته لتكون النور الذي يبدد عتم الاحتلال حتى تشرق شمس الحرية وتطرد البرد الكامن بين القيد والرسغين وتزيل اليأس من الوجدان وتنهي عقوداً من المعاناة ليظهر هذا الاحتلال على حقيقته ، احتلال  يشهر جنوده أسلحتهم في وجه إمراة تسير نحو أرضها خلف الجدار والحاجز وطفل يريد ان يشرب من عين ماء حدثه جده عن عذوبة ماءها وشيخ يريد ان يجلس في ظل زيتونة هي أم قبل ان يحرقها المستوطنون ، لم نبدأ إلا بعد أن استنفذنا السبل لوضع حد لاعتداءات المستوطنين اللذين يرفضون الإلتزام بقرارات محاكمكم التي قررت المرة تلو الأخرى أننا أصحاب ألأراض وملاكها وأمرت بإزالة سياج وضعه المعتدين وفي كل مرة نذهب لتطبيق قرار محاكمكم يعتدي علينا المستوطنين يدخلوا أرضنا ويعملون فيها ونحرم نحن أصحابها من الوصول إليها ، يهاجمنا الجيش ويطردنا بكل عنف رغم أننا نطبق قراراً لقاضٍ ممكن أن يكون أستاذك في القانون أو زميلاً في الدراسة يهاجم من يريد تطبيق القرار ويدافع عن المعتدي الذي يستفزنا المرة تلو الأخرى يعمل يخرب ، يحرث ، ويقطع أشجارنا ويمنعنا من الوصول إلى مياهنا فما مسيراتنا إلا احتجاجاً على الظلم نتظاهر يد بيد مع الإسرائيليين والأجانب الذين يؤمنون أنه لولا الاحتلال لاستطعنا أن نعيش معاً على هذه الأرض بسلام ، لا أدري على ماذا ينص قانون جنرالاتكم المصابين بفوبيا الأمن وهستيريا الخوف وكيف يقيمون مثل هذه التظاهرات لأطفال ونساء وشيوخ عزل يحملون الأمل وأغصان زيتونة لم تحرق بعد وكلني أدري ما هو العدل وما هو المنطق سلب الأرض ونهبها وحرق أشجارها ليس عدلاً وقمع مسيراتنا واحتجاجاتنا بالعنف وشروط معتقلكم ليست أدلة ومن غير العدل أن أحاكم وفق قانون فرضته شرعية القوة ولكن أعلم أني صاحب حق والعدل ما أقوم به .

يتهمني المدعي العسكري بأنني حرضت أشخاص على ضرب الحجارة وهذا غير صحيح ، من حرض على ضرب الحجارة هو صوت رصاص وهدير بلدوزرات الاحتلال وهي تخرب الأرض ورائحة الغز ودخان البيوت المحروقة ، لم أدعوا أحد لضرب الحجارة ولكن لست مسؤولاً عن أمن جنودكم الذي يقتحمون قريتي ويعتدون على أهلي بكل أسحله القتل وأدوات الإرهاب .

إن هذه المسيرات أثرت وبشكل إيجابي على معتقداتي وغير الكثير حين لمست ووجدت في الطرف الآخر أناس يؤمنون بالسلام ويشاركوني النضال لأجل الحرية ، هؤلاء المناضلون لأجل الحرية اللذين زال الاحتلال من وعيهم فتكاثفت أيدينا في مسيرات سلمية ضد عدونا المشترك الاحتلال فأصبحوا أخوة وأصدقاء نكافح معاً من أجل غد مشرق لأطفالنا وأطفالهم فهل سأخرج وقد أقنعني القاضي في وجود عدل لم أره في محاكمكم مهما كان الحكم جائر أو عادل ومهما كانت ممارسات احتلالكم عنصرية ولا إنسانية سنبقى نؤمن بالسلام والعدل والقيم الإنسانية وسنربي أطفالنا على الحب حب الأرض والإنسان دون تمييز بلونه ودينه وعرقه لنجسد رسالة رسول السلام عيسى المسيح " أن أحبب عدوكم " بالحب والعدل نصنع السلام ونبني المستقبل .

No comments:

Post a Comment